– “إن الأفكار لا تتحول إلى قوة مادية إلا حين تمتلكها الجماهير” ماركس
– يعتقد الكثيرون منا أن القراءة الحرة -غير التخصصية أو خارج حدود التخصص- هي أمر كمالي ينعمُ به البرجوازيون والمخمليون ولا يَلْزَم غيرهم. وهذا فكر خاطئ.
– بالمناسبة، للقراءة مفهوم واسع، تتداخل معه أكثر من حاسة، فالبصر يقرأ الحروف والكلمات، والبصر يقرأ ما يشاهد ويلاحظ، وكذلك السمع يقرأ .. كما ذكر الناقد عبدالله الغذامي في كتابه [اليد واللسان].
– للكاتب وأستاذ الفلسفة عبدالإله بلقزيز كتاب قيم [نهاية الداعية]. قدّم فيه طرحا فيه هادما لأصنام ما زلنا نعبدها [الدعاة].
– يقول في تقديم الكتاب: “آن للداعية أن يصمت، وأن ينسحب من المشهد بهدوء، كي يفسح فرصة للمثقف الباحث كي يزود ثقافته بمساهمة هي في عوز إليها. آن له أن يحترم دوره، وأن لا يتعدى حدود المعرفة فلا يظلم نفسه. لم تعد المرحلة تتحمله، أو تتحمل ثرثرته الببغاوية ومهاتراته الكلامية. فالدعاة أدعياء بلا زيادة ولا نقصان”.
– كتب كتابه هذا ليدافع عن الباحث والمتسائل الجاد بداخل كل إنسان حي. الذي لا يأخذ الأمور مسلمات على طبق من هراء. بل يتأنى، ويفكر، ويتفكر، حتى له كلفه الأمر الكفر بكل ما تعلق به سابقا .. وهذه صيرورة [عملية مكررة مستمرة] لا بداية لها ولا نهاية.
– لا أمان للمسلمات في هذا الوجود، وما منا إلا واردها. ففي كل مرة تظن أنك قاربت الحقيقة أو وقعت في حضنها، تأكد أنه ما زال بداخلك ولو نقطة من وهم. ذلك أننا كلما اعتقدنا بتحررنا من الأوهام، كنا في وهم جديد !
– “الأوهام ملذات باهظة الثمن بكل تأكيد، ولكن تحطيمها أبهظ ثمنا منها؛ إذا اعتبر لذة هو بدوره ! وإنه لكذلك ولا شك لدى الكثيرين” فريدريك نيتشه ص٢١٢ [إنسان مفرط في إنسانيته – الجزء الثاني].
– نحن -البشر- نطّلع ونبحث ونتسائل ونقرأ، لا لنقترب من الحقيقة، بل لنتيقّن أكثر بأننا أكثر جهلا مما ظننا سابقا – كما يقول محمد مشكور في كتابه [كلنا حمقى].
– صفة المثقف عندنا، كمجتمع برجوازي منشغل بالوظيفة واللهو واللعب والقيل والقال، مناط نكتة ودعابة، وأمر مثير للضحك والاستنكار. وهذا أمر قد نتفهّمه. ذلك لأننا “نكره الشيء الجيد حين لا نكون في مستواه” فريدرك نيتشه ص١١٠ [إنسان مفرط في إنسانيته – الجزء الثاني].
– هذا هو فهمنا للمثقف، وقد أقول أننا أصبنا في وصفه وإنزاله منزلته ! .. فالمثقف الحقيقي هو الذي يتخطى التفكير وتحليل ظاهرة ما، ويذهب لما وراء ذلك، ينزل بهذه الفكرة إلى الواقع، إلى الشارع، إلى الجمهور .. ليجد مكانها المناسب، ويوظفها ويفعّلها.
– تفعيل الفكرة وتوظيفها يعني شيئا واحدا؛ يعني خلودها !
– وعرّض عبدالإله بلقزيز في كتابه على أمراض المثقفين -وأحببت تسميتها متلازمة. النرجسية الثقافية، والسادية الثقافية “أما ترجمتها … فتكون في صورة سلوك عدواني من مثقف أو مثقفين تجاه أفكار وآراء آخرين على نحو لا يتوازن فيه المثقف السادي إلا متى الْتَذَّ بالتجريح الذي أصاب به ضحاياه من المثقفين !”، ومازوشية المثقفين، وأخيرا، رُهاب المثقف (فوبيا).
– إشكالية الداعية أو الثقافة الدعوية تكمن في أنها لا تقدم إدراكا ما للعالم، تصورا ما عنه، إنها تنتج مواقف منه، بل هي تنتجها في لغة استنهاضية حركية هي التجييش الإيديولوجي. وكذلك يتمحور تأثير هذا النوع من الخطاب بأنه يخاطب وجدان الجمهور لا عقله – حسب رأي عبدالإله بلقزيز.
– أقولها مجددا: أمر جدُّ مقرف .. كيف يتحمّل البشر تفاقم قدرتهم على الكلام !؟
– يا أيها المثقف المتعجرف .. كيف لك أن تحرق العالم، وكلماتك لم تشعل نفسها !
الصورة مأخوذة من موقع: http://budeco.nl